تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
ندوة تعاين «معالم القصة القصيرة الأردنيّة في مئة عام»

عقدت جمعية النقاد الأردنيين بالتعاون مع المكتبة الوطنية وجامعة فيلادلفيا يوم الماضي ندوة نقدية بعنوان «معالم القصة القصيرة الأردنية في مئة عام»، وتأتي الندوة، وهي الخامسة لجمعية النقاد، في سياق سلسلة من الندوات تعكف الجمعية على إقامتها بمناسبة مئوية الدولة الأردنية. قدم فيها الدكتور محمد عبيد الله قراءة نقدية وتاريخيّة فاحصة لسياق نشوء وتطور القصة القصيرة في الأردن ضمن مراحلها المتنوعة ومؤثراتها الموجّهة لمسيرتها، وقد أدارت الندوة أستاذة الأدب الحديث في الجامعة الأردنيّة الدكتورة امتنان الصمادي.


استهل الدكتور عبيدالله حديثه مؤكداً على ثراء مشهد القصة القصيرة في الأردن وامتلائه بالحالات الإبداعيّة عبر السنوات المئة المنقضية رغم أن الإبداع في الأردن عانى من تهميش عربيّ لافت لأسباب جيوسياسية إلا أن ذلك لم يمنع من تثبيت أسماء شيّدت صرح القصرة القصيرة بقوة وثبات. لا سيما وأن القصة القصيرة هي النوع الأدبيّ الأكثر ثراء في الأردن وفلسطين. وقد استمدت قوتها باختلاطها جغرافيا بالجزء الجنوبيّ من بلاد الشام فواكبت المنجز العربيّ مواكبة حقيقية وفّرت لها الكثير من الخصائص المائزة، بسبب ما وفرته الطباعة والصحافة والتعليم والثقافة لها من مناخات ساعدتها على الانطلاق.


وفي رصده لملامح الجيل الأول أشار عبيدالله إلى مؤسس هذا النوع محمد صبحي ابوغنيمة الذي نشر مجموعته الأولى «أغاني الليل» في دمشق، تلاه محمود سيف الدين الإيراني هذا المثقف النوعي الذي أخلص للقصة القصيرة فامتلك ثقافة واسعة وقدرة على ترجمة القصص العالمية وتأسيسه لمجلة قصصصية متخصصة ورغبته الواضحة في تطوير شكّل القصة القصيرة. يضاف إلى هذا الجيل عيسى الناعوري، وأمين فارس ملحس، والعزيزي، وحسني فريز، وقد استمر جيل الريادة هذا حتى منتصف القرن العشرين تزامنا مع نكبة فلسطين 1948.


أما الجيل الثاني فهو «جيل الأفق الجديد» نسبة إلى مجلة الأفق الجديد المقدسيّة التي بدأت في الستينيات وتركت أثراً بيّناً على القصة والنقد. وقد رئس تحريرها أمين شنّار وبرز فيها أعلام كبار من مثل محمود شقير، وفخري قعوار، وصبحي شحروري، وماجد أبوشرار، وقد عبقت المجلة بالإضافة إلى ما تنشره من قصص بالمناقشات والندوات والحوارات، وقد أسهم ذلك بانتقال القصة من عصر البدايات إلى التجديد وأسست للتجريب والواقعية. ومن أفراد هذا الجيل ممن لم يكتبوا في الأفق الجديدرشاد أبوشاور، ومحمود الريماوي، وأحمد عودة، وجمال أبوحمدان، وفايز محمود، وبدر عبدالحق، وغيرهم.


أما الجيل الثالث – حسب عبيدالله – فهو جيل التجديد والتجريب وهو جيل الثمانينيات وما بعدها وهو الأجرأ والأوفر عدداً ممن اشتغلوا في قصصهم على الهموم المحلية وإثراء القصة بالموضوعات وتعقيد شكلها ومنهم : إلياس فركوح، هاشم غرايبة، يوسف ضمرة، خليل قنديل، رسمي أبوعلي، محمد طمليه، أمين يوسف عودة. وجيل الثمانينيات والتسعينيات هو جيل التدفق القصصي كماً ونوعاً وإبداعاً وعناية، جيل الموضوعات الكبرى والكتابة عن الهامش والتفاصيل، وسيطرة ضمير المتكلم وإبراز العمق النفسي.


ولم يغفل عبيدالله في تصنيفه للمشهد القصصي التجربة النسائية التي بزغ نجمها بجلاء في الثمانينات نظرا لاتساع التعليم والوعي ويأتي في مقدمتهن: هند أبوالشعر، سهير سلطي التل، رجاء أبوغزالة، ليلى الأطرش، بسمة النسور، جميلة عمايرة، سامية عطعوط، وقد تفوقت القصص النسائية بإدخال العنصر الغرائبي والكابوسي إلى القصة الفقصيرة في الأردن.


وفي ختام حديثه، ألمح عبيدالله إلى مؤشرات وسمات تخص جيل الألفية الجديدة من كتّاب القصة القصيرة من سكوت لبعض الأسماء المهمة، وقلة الأصوات الجديدة، والتفلت من شروط كتابة القصة ومزجها باجناس أخرى، وفقدان للبنية الحكائية وقد أوحى كل ذلك بما يسمى بموت القصة القصيرة. إلا أن ذلك لا يخفي وجود محاولات حقيقة لتمكين البنية الحكائية وإعادة الاستقرار للقصة القصيرة.


جدير بالذكر أن محاضرة الدكتور عبيدالله أثارت جملة من التساؤلات والتعقيبات قدمتها مديرة الندوة الدكتورة امتنان الصمادي، والفنان التشكيلي محمد العامري، والدكتور نضال الشمالي، والقاص أسيد الحوتري.

 

 

 

المصدر: الدستور 

06 أكتوبر, 2021 02:50:51 مساء
0