Skip to main content
«شومان» و«الفكر العربي» تبحثان المتغيرات العالمية ومفهوم السلطة

ناقش أكاديميون وباحثون المؤثرات المختلفة التي باتت تحكم علاقات الشعوب والبلدان ببعضها بعضا، وتأثيرات التغيرات الجديدة في السياسة والصناعة والاتصال على عموم تلك العلاقات، وأثر ذلك على السلطة السياسية التي احتكرتها الدولة زمنا طويلا، قبل أن تتنازل عن بعضها لجهات أخرى.

واستعرض المشاركون في الندوة المشتركة التي عقدتها مؤسسة عبد الحميد شومان بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي في بيروت، واستضافها  منتدى شومان أول من أمس، ما اشتمل عليه كتاب «من يحكم العالم؟»، من إشراف برتران بادي ودومينيك فال، وترجمة نصير مروة، الذي صدر مؤخرا عن مؤسسة الفكر العربي، ضمن سلسلة «حضارة واحدة: أوضاع العالَم 2017».

وشارك في الندوة النقاشية من لبنان المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط، ومن الأردن أستاذ علم الاجتماع الدكتور إبراهيم عثمان، والدكتور إبراهيم غرايبة والباحث معاذ بني عامر، فيما قدم الندوة وأدار الحوار مع الجمهور وزير التربية الأسبق الدكتور إبراهيم بدران.

العويط، وفي كلمته الافتتاحية في الندوة، أكد أن الكتاب «يمثّل وجهاً من الأوجه المتعدّدة والمنوّعة التي تتجسّد فيها الرسالةُ التنويريّة التي اضطلعت بها مؤسّسةُ الفكر العربيّ منذ إنشائها في العام 2000». ولفت إلى أن المؤسسة تسعى جاهدةً من خلال إصداراتها وفعالياتها المختلفة، إلى الإضاءةِ على القضايا الكبرى التي تهمّ العرب في مختلفِ المجالاتِ التربويّةِ والثقافيّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والمجتمعيّة، وإلى إثارةِ الوعي بخطورةِ شأنها، والتحفيزِ على التبصّرِ في تحدّياتها ومآلاتها، والبحثِ عن سُبُل مواجهتها، والمساهمةِ في إيجادِ الحلولِ الملائمة لها.

وقال إن الكتاب يندرج في سلسلةِ «أوضاع العالم»، وهي السلسلة التحليليّة السنويّة التي أطلقتها دار النشر الفرنسيّة La D couverte  في خريف العام 1981،وتُعنى بعرضِ أوضاعِ العالم، عِبرَ أحدثِ الدراساتِ والإحصاءات، وتناقش المستجدّاتِ الراهنة على مختلفِ الأصعدة الاجتماعيّة، والثقافيّة، والتربويّة، والاقتصاديّة، والتنمويّة، والسياسيّة، والعسكريّة، لافتا إلى أن كلّ عددٍ من السلسلة يختص بمعالجة قضيّةٍ مركزيّة على المستوى الدوليّ.

وختم العويط بالإشارة إلى أن الكتاب طرح سؤالاً بالغَ الأهميّة: «مَن يحكم العالم؟، وكيف؟»، وأنه «أعطى جواباً حاسماً يعكس أوضاعَ العالم الراهنةَ بأمانةٍ وموضوعيّة: ما تزال الدول لاعباً أساسيّاً على صعيد العلاقات الدوليّة، ولكنّها لم تعد تستأثر وحدَها بحكم العالم وتتحكّم بمصير شعوبه».

أستاذ علم الاجتماع د.  إبراهيم عثمان، بين في مداخلته أن العالم كما جاء من معانيه في أبحاث الكتاب «يعني عوالم تتدرج في مستوياتها من مجتمع محلي، إلى مجتمع الدولة، إلى المجتمع العالمي، وبهذا يرتبط مفهوم الحكم والتحكم والسلطات بكل من هذه المستويات».

وعن الدولة، بين عثمان أن المفكرين جعلوا «امتلاك القوة واحتكارها من أسس تكوين الدولة»، وأن ما يميز الدول الحديثة هو قدرتها التأليف والمطابقة بين ثلاثة أنماط من الحدود: الحدود المادية القسرية واحتكار العنف المادي والشرعي، والحدود الاقتصادية، والحدود الإدارية والقانونية.

وحدد عثمان أطرافا عديدة تهدد سطلة الدولة اليوم، كالشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود، كشركات المال والصناعة النفطية والسيارات والطاقة والاتصال، ومؤسسات الشبكة العنكبوتية وشركاتها، غوغل وابل وفيسبوك وأمازون.

 بدوره، بين د. إبراهيم غرايبة أن الكتاب، وبرغم أنه يتخذ طابعا عالميا في الرؤية والتحليل، فإنه يظل يعكس تفكير النخبة الفكرية الفرنسية ورؤيتها للعالم، لافتا إلى أن الكتاب يؤشر إلى خمسة معالم من معالم النظام العالمي: التقاليد السائدة والمتبعة، والقدسي والديني، والدولة، والاقتصاد، والعولمة.

وقال غرايبة إن السلطة اليوم تسير أو تتشكل «وفق مدخلات جديدة إلى جانب القسر والهيمنة، مثل القوة الناعمة والقوة الذكية»، كما أنها تتشارك مع الفضاء العالمي، والتعامل الواقعي مع صعود الفرد وقدرته على التحرر من قسر الدولة وفرصه الجديدة في العمل والتواصل وتخطي الهيمنة والرقابة.

وفي مداخلته في الندوة، اعتبر الباحث معاذ بني عامر كتاب «مَنْ يحكم العالَم؟» استظهارا لشبكة العلاقات الإنسانية «استظهاراً وصفياً كما هي في واقع الحال، دونما تجاوز لهذا الوصف».

وسعى المحاضر إلى تفكيك هذه العلاقة الوصفية تفكيكاً عقليا، وتجاوزها أخلاقياً، لافتا إلى أن الكتاب يأخذ بعداً يكاد يكون شاملاً لمجمل العلاقات الإنسانية. وأضاف «العنونة تنطوي على مُخاتلة من نوعٍ ما، فقد تنبثق إلى أصحاب النوايا المُسبقة صيغة جاهزة وناجزة حول «مَنْ يحكم العالَم». لكن الكتاب يتجاوز هذا الطرح الجاهز الناجر لدى كثير من القُرَّاء، لناحية وصف شبكة هائلة ومعقدة من العلاقات تضطلع بأدوار جزئية في حُكم العالَم».

وقال بني عامر «إذا كان مارك زوكربيرغ يتمتّع بصلاحيات هائلة للتحكّم بجزء كبير من مصالح البشر، وإنْ بطريقةٍ ناعمة؛ فإن دولة مثل أميركا تتمتّع بقوة هائلة هي الأخرى للتحكّم بجزء كبير من مصالح البشر، ولكن بطريقة خشنة وقاسية هذه المرة». واضاف «ما بين «زوكربيرغ» وأميركا، ثمة مراتب لبؤر صغيرة تُساهم في حُكم العالَم، أو في حُكم عوالمها بالأحرى، كل من زاويته ومنطقته».

وكان د. إبراهيم بدران قدم مداخلة في بداية الندوة، تلخيصا لأهم ما اشتمل عليه الكتاب من طروحات وقضايا، لافتا إلى أن الكتاب بين أن العولمة نوعت أدوات السيطرة ومواضع الغلبة ومداها، وعرض أهمية الشركات متعددة الجنسيات ونفوذها السياسي والاقتصادي الناتج عن العولمة وعدم التكافؤ الاقتصادي وما يرافق ذلك من تعزيز الاتصالات وخاصة الشبكة العنكبوتية (الانترنت) وخوادمها. 

17 May, 2017 12:13:51 PM
0

لمشاركة الخبر