Skip to main content
فيكتور هوغو من أوائل المدافعين عن التراث المعماري

بعض الكتّاب والمبدعين حين يموتون لا «يموتون» تماماً، لأن أفكارهم تبقى حية وجزءاً لا يتجزأ من الواقع الراهن، وهذا ما ينطبق على الأديب الفرنسي فيكتور هوغو (1802-1885) المعروف بنزعته الإنسانية والذي قدم أفكاراً ومبادئ لا تزال صالحة في زماننا الراهن.


من هذه الأفكار ما يتعلق بالعدالة الاجتماعية ومسألة الفقر الذي يقزم معنى الإنسان، وقد جسد هوغو ذلك في «البؤساء»، إحدى أشهر الروايات على مستوى العالم.

ولد فيكتور هوغو في مدينة بوزانسون الواقعة في شرق فرنسا، وقد تحول منزله الذي يقع في قلب المدينة التاريخي إلى مركز للمعارض التي تتمحور على التعريف بأفكاره وطروحاته التي طاولت الشؤون الاجتماعية والسياسية والثقافية. ضمن هذا التوجه العام، سيفتتح منتصف هذا الشهر معرض جديد بعنوان «الحرب ضد هادمي التراث المعماري»، وهو أيضاً عنوان لمقالة كتبها هوغو عام 1832 وتُبيّن إلى أي مدى كان الكاتب مناضلاً من أجل قضية الدفاع عن التراث المعماري في فرنسا والعالم.

منذ مطلع العشرينات من عمره كتب هوغو برؤيته الاستشرافية مجموعة من النصوص التي تدعو إلى الحفاظ على التراث المعماري، عاكساً فيها غضبه من الدمار الذي لحق بالكثير من الصروح بعد الثورة الفرنسية عام 1789 بحجة أنها كانت من رموز الملكية. فقد تم تشويه وحتى هدم الكثير من الكنائس والقصور والقبور الملكية لأنها ارتبطت بالعهد القديم وما لحق بالفرنسيين من ظلم بسبب ملوكهم. كذلك تعرض الكثير من التحف التي حوتها الكنائس والقصور والمقابر للنهب من أجل بيعها في الأسواق وجني المكاسب المالية.

ومن أجل الحد من انتشار هذه الفوضى نشأت في المقابل حركة فكرية تدعو إلى سن القوانين والتشريعات التي تساهم في الحفاظ على الصروح المعمارية وتوثيقها.

يتوقف المعرض من خلال الوثائق والنصوص الأدبية والصحافية والقطع الفنية عند المحطات الأساسية في حياة فيكتور هوغو، الكاتب والناشط السياسي والاجتماعي، ومنها الصداقة التي ربطته بالكاتب الفرنسي شارل نوديي الذي كان رائداً للحركة الرومنسية في الفنون والآداب وأحد دعاة الحفاظ على التراث الطبيعي والمعماري في فرنسا.

وكان فيكتور هوغو في الثالثة والعشرين من عمره عندما قام برحلة مع شارل نوديي في منطقة جبال الألب، ومن الأكيد بحسب المؤرخين أن هذه الرحلة ساهمت في تشكيل وعيه بقضايا البيئة والتراث المادي في فرنسا.

ومثل شارل نوديي التفت فيكتور هوغو إلى عمارة مرحلة القرون الوسطى التي عانت طويلاً من الإهمال ثم جاءت الحركة الرومانسية في القرن التاسع عشر لترد الاعتبار إليها مركزة على جماليتها المميزة. وتعبر الكثير من كتابات فيكتور هوغو عن تعلقه بعمارة القرون الوسطى واستيحائه من أجوائها، ومن أشهرها روايته «أحدب نوترادام» أو «نوتردام دو باريس».

و «نوتردام» كما هو معروف هي الكاتدرائية الشهيرة التي شيدت في باريس بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر وتعد من روائع العمارة القوطية في فرنسا وأوروبا.

ومن المسلَّم به اليوم أن كتابات فيكتور هوغو ساهمت في تكوين وعي جديد لدى الشعب الفرنسي في علاقته مع تراثه المعماري.

يتزامن المعرض المقام في منزل فيكتور هوغو مع العديد من النشاطات التي تشهدها مدينة بوزانسون طوال فصل الصيف في مناسبة الاحتفال بمرور عشرة أعوام على إدراج قلعتها التاريخية في لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو العالمية.

وهذه القلعة المطلة على المدينة تعد من روائع العمارة الحربية ليس فقط في فرنسا بل على صعيد عالمي، وقد شيدها المهندس والمعماري سيبستيان فوبان الذي عمل في خدمة الملك لويس الرابع عشر وارتبط اسمه ببناء العديد من التحصينات لحماية الدولة الفرنسية وحراسة حدودها من الأعداء. وتبذل بلدية مدينة بوزانسون جهوداً كبيرة لإبراز معالمها التاريخية والحفاظ عليها.

ويأتي ذلك ضمن رؤية متكاملة تجمع بين الماضي والحاضر وتعتمد أيضاً على أحدث الوسائل التقنية والمعلوماتية للتعريف بتراث المدينة العريق وجذب السيّاح الأوروبيين وغير الأوروبيين إليها.

11 Jun, 2018 11:09:52 AM
0

لمشاركة الخبر