Skip to main content
قراءة في رواية «آه يا وطني»

قراءة في رواية «آه يا وطني»

 

الرواية ضخمة ومن جزأين ولكني قرأتها كاملة نظرا لعنصر التشويق فيها والأسلوب السهل واللغة السلسة، عندما تعيش الرواية عند القراءة هذا يعني أنك أصبحت جزءا منها، أو أحد شخوصها أو كأنك عشتها حقيقة، في زمانها ومكانها، ومحاورها وفصولها، نعم رواية «آه يا وطني» تعتبر تاريخا إنسانيا واجتماعيا وسياسيا مهما في تاريخ هذا الجزء من العالم،
الراوي محمد حافظ وهو السارد والبطل الرئيس فيها، يتحرك بحرية في بناء عالم روائي واقعي كبير، يشدنا إلى الماضي البعيد والقريب، يحلق بنا في فضاءات شاسعة وفي مناطق قريبة منا وفي منطقتنا العربية وعواصم عربية، ينطلق بنا من جنة الأرض فلسطين، ومن مدنها الجميلة وقراها العتيقة الوادعة الطيبة، من وادي الباذان ورام الله والقدس وجنين ونابلس والفارعة، وطلوزة، ونهر الأردن وروابي وجبال فلسطين وسماء فلسطين ونسيمها الرقراق العليل، ومن صيفها وشتائها وخريفها وربيعها، ويأخذنا إلى الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران، رواية زاخرة بالحياة والأمل والعمل والجهد والتعب والحب والسعادة والعذاب والألم والدموع، والضحكات والسرور كل ذلك له قصة وحكاية، عند محمد حافظ، الذي عانى الأمرين في هذه الرواية، في ظروفها وفي كتابتها ومعاناتها؛ لما لا وهي قصة وتاريخ وقضية تعتبر القضية المركزية العادلة في هذا العالم الذي لا يرى سوى مصالحه وأنانيته، أمام قضية فلسطين التاريخية، التي مضى على احتلالها أكثر من سبعين عاما وهي تحت الاحتلال الصهيوني الغاصب، هذا الاحتلال الذي يرفض الاعتراف بالحقوق العربية الفلسطينية للشعب الفلسطيني، ويعتبر احتلاله شرعيا بزعم أن هذه الأرض فلسطين أرض الميعاد الذي يدعي أنها أرض يهودية أصلا! وهذا الهراء والكذب والزيف ينفيه التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، لأن فلسطين أرض عربية فلسطينية منذ آلاف السنين، لا ينكر ذلك سوى اليهود والصهاينة ودول الاستعمار الأوروبي وأمريكا، أقول الرواية زاخرة بالأحداث الكثيرة التي توثق عروبة فلسطين والقدس والتراب والأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر، لأريد أن أدخل في تفاصيل الرواية، وأتركها للقارئ والمتلقي، فهناك الخارطة الجغرافية للسرد يمتد من عمان، بيروت، رام الله، فلسطين كلها، الكويت، العراق، مصر، وغيرها، أحداث عادية وشخوص الرواية عاديون واقعيون، مجتمعات صغيرة وعائلات وأصدقاء وأبناء وأخوان وأخوات وزوجات وآباء وأبناء، وجيران، يشكلون روح الرواية هناك أحداث سياسية وأمنية هامة جدا وتاريخية من احتلال الكويت،ودخول الأمريكان، والخراب والدمار والحرائق والموت والدم والهجرة والنزوح جراء هذه الكوارث التي مرت على شعوب هذه المنطقة، ثمة الاحتلال الأمريكي للعراق والكويت في حربين ضد العراق ثم الاحتلال وسقوط بغداد، وانهيار أكبر هرم للأمة العربية وهو العراق وأقوى جيش في المنطقة العربية الجيش العراقي وأقوى زعيم عربي شجاع صدام حسين، ولا ننسى أن نصيب الأسد في السرد والأحداث كان عن فلسطين والاحتلال الصهيوني الغاشم هذا الاحتلال الظالم المتغطرس الخبيث السرطاني الذي يحاول تهويد كل شيء في فلسطين، وإنكار هويتها العربية الإسلامية، الأحداث كثيرة، والمواقف متعددة، والتاريخ ماثل بقوة في (آه يا وطني)، ومما يميز حياة شخوصها إيمانهم بعدالة قضيتهم، وصبرهم الأسطوري أمام الاحتلال ومقاومتهم الباسلة وصمودهم على أرضهم وترابها الطهور، أرض الأجداد والآباء فلسطين، الروائي محمد حافظ كتب تاريخا حقيقيا عن القضايا العربية وعن المنطقة وما مر بها من أزمات ومنعطفات وأحداث جسام وكوارث إنسانية هائلة، ومن الناحية الفنية فالسرد والفضاء الروائي والحيوية الإبداعية متألقة وحاضرة في سطور وصفحات الرواية واللغة جميلة وبسيطة ورشيقة والأسلوب جاذب ومشوق إنها رواية تستحق القراءة والدراسة، واقتناء المكتبات والمؤسسات الثقافية يعتبر توثيقا ومرجعا للقضية الفلسطينية وأحداث المنطقة العربية في القرن العشرين وما بعده.

 

 

المصدر: الدستور

06 Mar, 2021 11:36:38 AM
0

لمشاركة الخبر